قصتي مع الفساد: لاحيلة فى الرزق ولا شفاعة فى الموت
قصتى التى احكيها لكم تفاصيلها حدثت فى يوم من أيام
العمل ، ففى يوم من الأيام وكعادتى صحوت مبكرا ونزلت من البيت وركبت سيارتى مبكرا حتى
اتفادى زحمة المرور الخانقة التى قد تؤخرنى عن عملى ، انا اعمل فى احدى المؤسسات المرموقة
وطبيعة عملى تتعلق بالمراقبة المالية والادارية لأعمال تلك المؤسسة .. بدأت العمل أنا
وزملائى فى القسم وكل منا يحرص على أن يؤدى عمله ملتزما بالقواعد والقوانين واللوائح
التى لانستطيع الخروج عنها أو تجاوزها لأنها تتعلق بالرقابة على المعاملات المالية
والادارية ، ووسط الكم الهائل من المعاملات والأوراق لاحظت وجود أحد الملفات الذى لفت
انتباهى فبدأت اتفحصه تفحصا سريعا فاذا به عقد بين المؤسسة التى اعمل بها وبين احدى
الشركات فى أوروبا وبمبلغ يتجاوز الملايين من الدينارات ، تركت المعاملات الأخرى وبدأت
ادقق هذا العقد وقد قال لى رئيس القسم ان هذا العقد مطلوب انهاؤه على وجه الاستعجال
.. ومن خلال الفحص تبين لى أن هذا العقد به مخالفات عديدة فى بنوده من الناحية المالية
والقانونية ، بدأت أدون ملاحظاتى بالمخالفات الموجودة فى العقد حتى انتهيت منها ، وتناقشت
مع زميل لى فى القسم حول تلك المخالفات وكان رايه مطابقا لرأيى أنه لايمكن اعتماد أو
تمرير هذا العقد بتلك المخالفات الواضحة والصريحة ، وقمت بعمل مذكرة تتضمن المخالفات
وأسباب رفضى للعقد ، وسلمت التقرير لرئيس القسم مع ملف العقد فقال لى أن نائبة المدير
تريد اعتماد العقد بالرغم من وجود تلك المخالفات ... قلت له انى لا أتحمل مسئولية اعتماد
هذا العقد لانه غير سليم من الناحية المالية والقانونية وطلبت منه تسليم المذكره والعقد
لنائبة المدير ... وبالفعل اخذ الملف والمذكره وذهب ... اخد زملائى وزميلاتى فى القسم
يتحدثون لى بأن نائبة المدير لن تكون راضية عن رد العقد بهذه الطريقة .. وماهى الا
لحظات واذا برئيس القسم يدخل علينا ويقول لنا : نائبة المدير تطلب القسم كله فى اجتماع
عاجل الآن ... اخذ زملائى ينظرون الىّ بنظرات فهمت معناها وهى تعنى ان الحرب قد أعلنت
على القسم بسبب هذا الرفض .
اجتمعنا بنائبة المدير وكانت سيدة جبارة فيها الكثير
من الغرور والتسلط ... اخذت تناقشنا فى العقد وأهميته وان الادارة تريد تمريره بشكل
عاجل حرصا على العلاقة بين المؤسسة وبين الشركة المتعاقد معها ، قلت لها أن المخالفات
الموجودة بالعقد تمنع اعتماده من جهتنا .. طلبت منا أن نعتمده على أن تتحمل هى المسئولية
، رفضت أنا وزميلى الذى تناقشت معه بشدة لان معنى توقيعنا عليه أننا نتحمل المسئولية
القانونية والمهنية .. امتعض وجهها وطلبت منا الانصراف .. وطلبت من رئيس القسم الجلوس
لمناقشته .
بعد عدة دقائق دخل علينا رئيس القسم وملامح وجهه
تنبىء بشىء ما ... سألته مالخبر ؟ قال انها تتوعدكم بانهاء خدماتكم لتحديكم لها ..
قلت له الرزق بيد الله وليس بيدها .
مرت عدة أيام واذا بقرار من ادارة المؤسسة بالغاء
القسم كله وانهاء خدمات بعض الموظفين وتوزيع بعضهم على أقسام أخرى .. وبالطبع كنت أنا
وزميلى أول من طالهم قرار انهاء الخدمات مع بعض الزملاء والزميلات مع منحنا مهلة لمدة
ثلاثة أشهر حسب القانون نظل فيها داخل المؤسسة رغم أن القسم قد أغلق فى اليوم التالى
بناءأ على طلب نائبة المدير وكنت اذهب كل يوم للمؤسسة وأجلس فى مكتبى دون عمل انا وزملائى
المفصولين من الخدمة ، استطاع زميلى أن يجد مساعدة من أحد رؤساء الأقسام الذى طلب من
الادارة العليا السماح بالغاء قرار الفصل وندبه للعمل بالقسم الآخر ، أما انا فقد سلمت
أمرى لله بانتظار مرور الثلاثة أشهر لأغادر المؤسسة وكنت قد بدأت البحث عن عمل آخر
.. ولم يمضى شهر على قرار الفصل واذا بأحد الموظفين فى قسم من الأقسام الهامة قد قدم
استقالته وغادر فورا الى بلده ، ولم يجد رئيس هذا القسم من يستطيع أن يؤدى مهام هذا
الموظف بكفاءة عالية غيرى ، فعرض على ّ قبول العمل فى القسم التابع له وكتب للإدارة
العليا طلبا بذلك وجاءه الموافقة وعملت فى هذا القسم وفى غيره لسنوات طويلة بينما زميلى
الآخر عندما علمت نائبة المدير بتعيينه فى قسم من الأقسم لم يهنأ لها بال حتى استصدرت
قرارا بفصله نهائيا عاد بعدها الى بلده وقد عوضه الله بخير كثر .. حمدت الله على كل
ماحدث وايقنت أن الله هو مقسم الأرزاق ، وأنه لاحيلة فى الرزق ولا شفاعة فى الموت .
بعد عدة دقائق دخل علينا رئيس القسم وملامح وجهه
تنبىء بشىء ما ... سألته مالخبر ؟ قال انها تتوعدكم بانهاء خدماتكم لتحديكم لها ..
قلت له الرزق بيد الله وليس بيدها .
No comments:
Post a Comment